دفع مهدي وصديقه ١٠٠ دولار للسائق الختيار كي يوصلهما إلى تلك القرية المتاخمة للخط الأمامي، وصلا إلى وجهتهما،
تفرقا كلٌّ إلى مكان مهمّته،
لاحقت الطائرات مهدي، دخل المبنى الأول الملاصق للطريق،
شعر بأن الطائرة كشفته، همّ بالولوج إلى بيتٍ مجاور،
قصفت الطائرة المبنى الأول، ثمّ البيت الذي دخله مهدي تالياً،
لكنه نجا، فقد قرر في لحظة، الانتقال إلى مكان ثالث،
نفذ مهمَّته، وأثناء عودته، وجدَ صديقه مضرّجاً بدمه، وهو يتقلّب على الأرض،
سمع صوت الإسعاف، هرع باتجاهها، توجهت إلى صديقه، ونقلته إلى المستشفى، أستشهدَ قبل بلوغ المشفى،
أذّن المؤذن لصلاة المغرب، كبَّر مهدي للصلاة
أغارت الطائرات، طار مهدي من عصف الانفجار،
ناداه رفاقٌ لم يرهم قبل ذلك، أنت بخير يا حبيبنا؟
أجاب، نعم لكن يبدو أنَّ زجاجة كبيرة دخلت صدري،
كانت قطعة الزجاج بحجم كف اليد، انغرست حتى قفصه الصدري،
جاءه المسعفون، نقلوه إلى المشفى وقد أشبع الدم ثيابه،
مهدي، يجب أن نعيدك إلى بيروت لترتاح وتشفى من إصابتك هذه،
لم يعر الأمر اهتماماً، ثمَّ عاد أدراج البطولة مرة أخرى،
وعادت الطائرات لمحاربته، مهدي وحده جيشٌ خشيه الجند، فأوكلوا سرباً من الطائرات النفاثة لتواجهه،
نفذ مهمَّاته التالية، يعاين، ويرمي، ويعود لجمع البيانات، واستقراء النتيجة!!!
انتصبت الشمس في وسط السماء، جاء صوت أذان الظهر من القرى البعيدة، أغارت الوحوش الفولاذية على مكان مهدي،
وصل المسعفون، سمعوا صوتاً من تحت الركام أنا هنا أنا هنا،
وصلوا إليه، كان غائباً عن الوعي، وقد فُجّ رأسُه، يقول أحد المسعفين، كان قسم من دماغ مهدي خارج جمجمته، لكنه كان يقول أنا هنا، لم يجد الطبيب تفسيراً لصرخة مهدي، أنا هنا..
مرَّ سبعة عشر يوماً،
إستيقظ مهدي في العناية المركزة، بجسد حصدته الحروق والشظايا، وعينين مطفأتين،
رأى في المنام أن والده أستُشهد، سأل عنه، لكنهم أخفوا الخبر
انحدرت دمعاته على مقلتيه المجرّحتين، قضى أبي نحبه،
قال مهدي، فصمت الجميع، وبكوا..
أظهر التقرير الطبي أن إحدى عينيه قابلة للشفاء،
سيبصر في الشهر القادم،
سنبصر جميعاً في الشهر القادم،
سينبت الورد ويزهر الدم ربيعنا القادم،
مهدي هو رأس هذه البلاد
مهدي هو منبر هذه الجمهورية……
مهدي يقول لكل فرد فينا… أنا هنا
الجريح البطل محمد مهدي باسم خليفة
نجل الشهيد القائد باسم خليفة